شكل تقنية تجميد البويضات فرصة عظيمة للنساء للمحافظة على خصوبتهن، ليس فقط للواتي يردن الحفاظ على خصوبتهن لأسباب طبية مثل الخضوع لبعض علاجات مرض السرطان، وإنما تقدم أيضاً للمرأة خيار الحفاظ على الخصوبة لأسباب اجتماعية. ويعني ذلك أن النساء يمكنهن الحفاظ على خصوبتهن طوعاً في حال لم يتم العثور على الشريك المناسب للزواج، أوفي حال تأخر الإنجاب بسبب المهنة أو الدراسة أو غيرها من ظروف الحياة، وفي مراحل لاحقة حينما تكون جاهزة، يمكن استخدام البويضة نفسها للحصول على طفل بعد أن قامت بتجميدها للمحافظة على جودتها وتجنبت عامل التقدم في العمر.
ويُشار إلى أن تكنولوجيا تجميد البويضات تطورت جداً خلال الـ 10 سنوات الماضية وحققت معدلات نجاح كبيرة، وقد بدأت تقنية تجميد البويضات منذ فترة طويلة، ولكنها مرت بتطورات كثيرة منذ ذلك الحين إلى وقتنا الحالي. وكانت التطورات الرئيسية في هذا المجال تتم داخل المختبر، ويعود السبب في ذلك اعتماد أحدث الأساليب التكنولوجية في إجراء تقنية التزجيج، والتي يجرى الآن تطبيقها على تجميد البويضات.
وخلال السنوات الماضية، كان يتم اعتماد أسلوب التجميد البطيء للبويضات البشرية، أما لاحقاً فتم اعتماد تكنولوجيا جديدة سمحت بتجفيف البويضات وإزالة الماء منها، وبالتالي أدت إلى احتباس أقل نسبة من المياه داخل البويضات، وهو ما يعني وجود الحد الأدنى من بلورات الثلج بداخلها، علماً بأن تلك البلورات تعد أحد الأسباب الرئيسية لتلف البويضات. لذلك فإن مزيد من التجفيف يجعل عملية تجميد البويضات تتم بشكل أسرع، مما يمكِن من إتمام عملية التزجيج والبقاء على البويضات بصحة جيدة لفترة أطول، ويجب الإشارة هنا إلى أن معدلات نجاح عملية التجميد تتغير بسبب العديد من العوامل.
إن معدلات بقاء البويضات على قيد الحياة تعد أفضل بكثير مع إجراء تقنية التزجيج، ولقد حصلنا على ما يزيد عن 80%-85% من معدلات النجاح في الإبقاء على البويضات على قيد الحياة خلال العامين الماضيين، أما قديماً فقد كنا نحصل على معدلات نجاح بقاء البويضات على قيد الحياة بنسبة بلغت نحو 50%.
وعلى الرغم من أن معدلات بقاء البويضات على قيد الحياة تعتبر أحد العوامل التي تدخل في قياس معدلات النجاح الحقيقية وراء عملية تجميد البويضات، إلا أن العنصر الرئيسي لقياس النجاح هو إمكانية الحصول على الحمل ومن ثم إنجاب طفل، والذي هو الغرض الأساسي من وراء عملية التجميد.
وفي السنوات الماضية ومع اعتماد تقنية التجميد البطيء، كانت معدلات النجاح وفرص الحصول على حمل وإنجاب أطفال لكل بويضة في أدنى مستوياتها. أما حالياً فنشهد نسبة نجاح الحصول على الحمل وصلت إلى نحو 60% لدى النساء اللواتي تبلغ أعمارهن أقل من 35 بشرط تجميد من 8 إلى 10 بويضات. وقد تطورت التكنولوجيا كثيراً خلال السنوات العشرالأخيرة ولا تزال تتطور وتزدهر.
وخلال الفترة الحالية أصبحنا نؤدي نحو نصف عمليات أطفال الأنابيب اعتماداً على البويضات المجمدة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن تلك التقنية تعمل بشكل جيد جداً أثناء تطبيقها على المرضى.
هناك الكثير من المريضات يخضعن إلى عملية تحفيز التبويض من أجل دفعهم للحصول على بضع بويضات ناضجة، وذلك في إطار عملية أطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي داخل المختبر، والكثير من المريضات تفضلن كسر تلك الدورة المرهقة من خلال تجميد البويضات، ومن ثم العودة في وقت لاحق لإتمام عملية نقل الأجنة إلى الرحم وإتمام عملية الحمل. يساعد ذلك التمهل في إعطاء أجسامهن وقتاً من أجل التعافي من كافة المحفزات الهرمونية التي خضعن لها، والحصول على قدر كافٍ من الاسترخاء الضروري لإتمام العملية على أكمل وجه. لذا يتم تقسيم العملية إلى جزئين من الناحية العملية.
كما أن فرص الحصول على الحمل لدى النساء يقوم على عاملين رئيسيين، العامل الأول هو عمرها، والآخر هو احتياطي المبيض الذي تمتلكه. يعد التحفيز على التبويض هو الاختبار الكلاسيكي الذي يتم تأديته بشكل سريري لتقييم إمكانية المريضة على إنتاج البويضات. وخلال عملية التحفيز تلك، يتم إعطاء المريضة بعض العقاقير المحفزة، مما يجعل مبيض المرأة ينتج المزيد والمزيد من البويضات. أما في ما يتعلق بنسب النجاح، فيتم تحديدها عما إذا كانت المرأة في ريعان شبابها وإذا كان لديها احتياطي جيد من البويضات في مبيضها. وفي حال كانت المرأة متقدمة في العمر، هنا يتم التشكيك في جودة البويضات بسبب إمكانية وجود شذوذ للكروموسومات داخل البويضات.
عادة ما تستخدم تقنية تجميد البويضات للنساء اللواتي تعانين من فقر في احتياطي المبيض، وذلك من أجل الحصول على أكبر عدد من البويضات ليتم تجميدها في دورات معينة، مما يعطيهن فرصة جيدة ومعقولة للحصول على الحمل مقارنة بالنساء اللواتي تمتلكن احتياطي طبيعي للمبيض. يمكن أن ينطبق ذلك أيضاً على النساء المسنات، إلا أن عوامل نوعية وجودة البويضات وإمكانية بقائها على قيد الحياة قد تختلف من امرأة لأخرى. لذا تبقى إمكانية نجاح البويضات في الحصول على الحمل تعتمد في المقام الأول على عمر المرأة.